المقدّمة
الفقه في اللغة الفهم، وفي
الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة، وقد يطلق
الفقه أيضا على علم طريق الآخرة وحصول ملكة تُفيد الإحاطة بحقائق الأمور
الدنيويّة، ومعرفة دقائق آفات النفوس بحيث يستولي القلبَ الخوفُ عليها، فتُعَرض عن
الأمور الفانية وتُقبل على الأمور الباقية. وقبل الورود في الفقه لابدّ أن تُقسم
أبوابه ومسائله، وتُبَيَّن حدوده، و تُنتظم كتبه بما يطابق الواقع ويناسب ما في
الخارج، ويعرّف بتعريف يدور الفقه مداره، ويُبيّن حدود مسائله وأحكامه، وتُبَيَّن
موضوعاته وخصوصيّاته وما منه وما ليس منه.
أكثر الفقهاء وخاصّةً
المتأخّرين منهم حصروا
الصفحة7)
*********
الفقه في أربعة أقسام: العبادات، والعقود،
والايقاعات والأحكام، كما في الشرائع وفي القواعد للشهيد الأوّل، ولكن ما هو الحقّ
في الترتيب هو أن يلاحظ في التقسيم للأبواب والكتب في الفقه اللونيّة الماهويّة لا
الملاحظة الفرديّة.
فالمهمّ في الوضع والتقسيم
في ترتيب الفقه لحاظ الماهوية العرفيّة والجهات الطبيعيّة في المباحث والأبواب؛ لا
الحيثيات الاعتباريّة؛ مثل: الفرديّة وغيرها.
فلابدّ أن يجدّد الفقه
وتدوَّن مسائله الكثيرة الغير المتناهية، مع الدقّة اللائقة للفقه الشيعي بالمدارك
الموجودة بأيدينا والقواعد الدارجة في الفقه؛ ورفعت عنه المباحث الزائدة والركيكة؛
وأوردتْ فيه المباحث المهمّة وخصوصا المسائل الحديثة والمستحدثة؛ وحُذِفت منه أيضا
المسائل المبهمة من بين الجميع وبيّنت على حدّة بوضوح كامل موضوعا وحكما؛ وبيِّن
كلُّ ما كان من المسائل المتغيّرة المقيَّدة بالأعصار والأمكنة، مستقلاًّ ممّا كان
من الأحكام الثابتة دائما بدوام الموضوع والمناط؛ لأنَّ الحكم في الأحكام الثابتة
هو عين ما
الصفحة8)
*********
قال المشهور في كلّ مورد مورد إلاّ مع عدم
الخوف أو تقية من الفقيه؛ والحال أنَّ ما قال المشهور في المسائل المقيّدة
بالأعصار والأمكنة هو حاكٍ عن الجمود في تشخيص الموضوعات والمناطات؛ مثل مباحث
البلوغ والحدّ للسفر والحجاب والغناء والمباحث الاقتصاديّة وغيرها من المسائل
الكثيرة والمباحث المبهمة التي لا تتميّز في خلال المباحث العامّة إلاّ بعد البحث
والفحص والدقّة اللازمة لذلك المباحث؛ وفي نيّتي تحقّق جميع ذلك في الفقه إن شاء
اللّه؛ وكان هذا همّي من سالف الزمان أيضا، كما صدر منّي أو وقع في خاطرى في الحال
تحقيق كثير من ذلك المباحث والمسائل وبيانها.
وبعد جميع ذلك يذكر في هذه
الرسالة الفهرس الجديد للفقه الشيعي خلاف ما تحقّق من قدماء القوم، الذي صار إليه
المتأخّرون من الفقهاء.
وآخر دعوانا أن الحمد للّه
ربّ العالمين
الصفحة9)
*********
الصفحة10)
*********
